لكهرمان... ذهب البلطيق وحجر بولندا الكريم
أَولى الملوكُ والنخبة على مدى قرون من الزمن ولعاً وشأناً كبيرين للحلي المصنوعة من حجر الكهرمان الذي يعرف باسم 'ذهب البلطيق'، لكن البولنديين لا يتزينون بها لقيمتها الجمالية فحسب، بل لخصائص علاجية أيضاً يُعتقَد أن الحجر الثمين يتمتع بها.
وسيشعر السائحون الذين يزورون أي مدينة بولندية بالانجذاب نحو هذا الحجر شبه الكريم المعروض في متاجر الحلي التي تتباهى بالتجارة في الكهرمان وتقديمه في عدة صور تتراوح بين هدايا تذكارية بأسعار معقولة وقلائد وأساور وخواتم باهظة الثمن.
وتعتمد قيمة الكهرمان في المقام الأول على حجم الحجر الذي يعثر عليه بألوان تتراوح بين الذهبي والأخضر والأحمر والأبيض.
وعادة ما يكون الكهرمان الشفاف أعلى ثمناً من الأنواع غير الشفافة، لكنها إذا احتوى على حشرات مرئية بداخله فإن قيمته تصبح مكلفة بصورة أكبر.
وغالباً ما تطعم الحلي المصنوعة من الفضة بهذا الحجر الكريم في بولندا التي تتباهى بإنتاجها الكبير من الفضة، لكن براعة الحرفة ربما ترفع سعر حلي الكهرمان بصورة أكبر.
ويعتقد منذ آلاف السنين بأن الكهرمان البولندي يتمتع ببعض الخصائص العلاجية، منها علاج تضخم الغدة الدرقية عند ارتداء الحلي المصنوعة منه حول الرقبة، إضافة إلى أنه يساعد على تهدئة التوتر وتخفيف الألم.
وقالت بائعة في متجر لبيع حلي الكهرمان في وارسو لـ(كونا) إن 'الكهرمان عنصر رئيسي في أساليب العلاج التي يصفها المعالجون هنا، إذ يعتقدون أنه يهدئ التهاب المفاصل والآلام العصبية، ويساعد أيضاً على تخفيف الألم والحد من حالات القلق'. وأوضحت أن الكهرمان يحتوي على كميات كبيرة من مركب حمضي يعرف بأنه يساعد على الشفاء من الأمراض.
ويُستخدَم نوعٌ واحد من الحجر شبه الكريم يعرف باسم 'الكهرمان' عند المعالجين الشعبيين في العلاج بالروائح، ولاسيما أن العادات الشعبية (الفُلكلور) تقول إن ارتداء حلي الكهرمان يمنح الدفء، بل يساعد على اتخاذ القرارات السليمة.
وبغض النظر إن كانت هذه الادعاءات صحيحة أم لا، فإن القلائد والأقراط المصنوعة من الكهرمان تضيف لمعاناً وبريقاً على رونق المرأة التي ترتديها.
ويفوح عبير رائع من الكهرمان عند تعرضه للحرارة، لأنه عبارة عن مادة صمغية تفرزها جذوع بعض أنواع الاشجار من العائلة الصنوبرية.
ولا يقل عمر الكهرمان الأصلي عن 30 مليون عام، ويعتبر الموطن الحقيقي له هو مدينة 'غدانسك' البولندية المطلة على ساحل بحر البلطيق، الذي تجرف الأمواج عليه في بعض الأحيان قطعاً من الحجر شبه الكريم بعد هبوب العواصف.
وبلغ فن صناعة حلي الكهرمان في 'غدانسك' ذروة تطوره في مطلع القرن السابع عشر، وباتت التحف التي يصنعها الحرفيون في هذه المدينة تقدم هدايا لحكام أوروبا.
وأصبحت العديد من السلع والأغراض والمنتجات مثل الأكواب والتماثيل وأطقم طاولة الطعام والصناديق والشمعدانات والخزانات الصغيرة المزخرفة تُطعَّم هي أيضاً بمجموعة متنوعة من أحجار الكهرمان.
وقالت باربرا كوسموفسكا كارانوفيتش في كتاب بعنوان 'بولندا... قصة الكهرمان' إن 'الكهرمان يحمي أسراره، ولذلك فإنه سيواصل إثارة الناس لدراسته بينما لن يوقف المعجبون بالحجر رغبتهم في تصميم مجموعات جديدة من الحلي والمجوهرات المطعمة بالكهرمان'.
ولا شك في أن الكهرمان البولندي ليس مبهجاً وجميلاً فحسب، ولكنه أيضاً أنيق يتماشى مع كل زمان، ما يجعله مثالياً إذا كان المرء يبحث عن شيء يرتبط في ذاكرته بمكان زاره من قبل.
(وارسو - كونا)